رموز المقاومة والنضال الفلسطينية تلعب دورا كبيرا في تمثیل الهوية الفلسطينية

طهران/14 ايار/مايو/ارنا-لكل شعوب الأرض وطن يعيشون فيه، أمّا الفلسطينيون فلديهم وطن يعيش فيهم، وطن لا يقاس بمجرد وجهة جغرافية، بل هو جوهرة تلمع بتاريخها وروح مقاومتها التي حملت غصن الزيتون والبندقية لتعید لأرض الزيتونة الهوية فليعلم كل التائهين بأن الثورة ستبقى منارا للقضية والنضال نبراسا للحرية.

فلسطين ليست مجرد قطعة أرض، إنها مأساة تُكتب بأحرف الصمود والأمل فكُلّ ركنٍ في فلسطين يروي قصة مقاومة، وكل شهيد يكتب بدمه فصلًا جديدًا في سجل التاريخ الذي ينبض بروح مقاومة شعب متألق بإرادة لا تلين وامل يتجدد مع كل شروق شمس ليستطع بالحقيقة الثابتة كجبال فلسطين بأن فلسطين حق والحق لايزول.

فلسطين هي الأرض التي تُعلّمنا دروس الصمود والتضحية والمقاومة ،وغالبا ما يكون العلم الفلسطيني، وخريطة الدولة الفلسطينية، أول ما يتبادر إلى أذهاننا فيما يتعلق برموز النضال والمقاومة، إلا أن هناك رموزاً أخرى، والتي أصبحت ذات معنى كبير لكل فلسطيني وعربي ومسلم وحتی لکل داعم للقضية الفلسطينية ولها دور في تعزيز الانتماء والتضامن فيما يخص هذه القضية.

وقد لعبت رموز المقاومة والنضال الفلسطينية،والتي قد تكون على شكل أعلام أو أيقونات أو أشكال تعبير ثقافي رسمية وغير رسمية ، دورا كبيرا في تمثیل الهوية الفلسطينية في مختلف المجالات والأحداث التي شهدتها فلسطين منذ النكبة الى غاية الآن.

وتشمل قائمة الرموز التأسيسية للهوية الفلسطينية ما يلي:

النكبة

أثرت النكبة بشكل كبير على الثقافة الفلسطينية وهي رمز تأسيسي للهوية الفلسطينية، جنبا إلى جنب "حنظلة" والكوفية والمفتاح الرمزي. كُتب عدد لا يحصى من الكتب والأغاني والقصائد عن النكبة. وقد وصفها الشاعر الفلسطيني محمود درويش بأنها "حاضر ممتد يبشر بالإستمرار في المستقبل".

فهي عملية مستمرة ومتواصلة لنزع الملكية هي استمرار "العنف الاستعماري الاستيطاني الصهيوني" حتى يومنا هذا، بعد سبعين عاما  ونیف من العنف الذي دفع في الأصل مئات الآلاف من الفلسطينيين للخروج من أراضيهم.

فالنكبة ليست مشكلة شعب بل هي قضية أمة سُلبت إرادتها وتلاشت هويتها واغتصبت أرضها، النكبة ظاهرها فلسطين وعمقها الإسلام والمسلمون.

الأقصى وخاصة قبة الصخرة

ٱلْمَسْجِدُ ٱلْأَقْصَىٰ أحد أكبر مساجد العالم وأحد المساجد الثلاثة التي يشد المسلمون الرحال إليها، كما قال نبي الإسلام محمد؛ وهو أيضًا أول القبلتين في الإسلام. يقع داخل البلدة القديمة بالقدس الشریف في فلسطين. وهو كامل المنطقة المحاطة بالسور واسم لكل ما هو داخل سور المسجد الأقصى الواقع في أقصى الزاوية الجنوبية الشرقية من البلدة القديمة المسورة.

ذُكر المسجد الأقصى في القرآن الکریم : "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير" (الإسراء1).

يُقدّس اليهود أيضا المكان نفسه، ويطلقون على ساحات المسجد الأقصى اسمَ «جبل الهيكل» نسبة الى هيكل النبي سليمان، وتُحاول العديد من المنظمات اليهودية التذرع بهذه الحجة لبناء الهيكل حسب مُعتقدها.

للمسجد الأقصى عدة أسماء، أهمّها ثلاثة: المسجد الأقصى، وكلمة «الأقصى» تعني الأبعد، وسُمِّيَ الأقصَى لبعد ما بينه وبين المسجد الحرام، وكان أبعد مسجد عن أهل مكة في الأرض يعظَّم بالزيارة والذي سمّاه بهذا الاسم وفقًا للعقيدة الإسلامية الله في القرآن.

البيت المُقَدَّس، وكلمة «المقدّس» تعني المبارك والمطهّر، وقد ذكر علماءُ المسلمين وشعراؤهم هذا الاسم كثيرا، كما قال الإمام ابن حجر العسقلاني "الى البيت المقدّس قد أتينا جنان الخُلد نُزُلاً من كريم".

بيت المَقْدِس، وهو الاسم الذي كان متعارفًا عليه قبل أن يُطلق عليه اسم «المسجد الأقصى» في القرآن الكريم، وهذا الاسم هو المستَخدَم في معظم أحاديث النبي محمد (ص)، مثل ما قاله يوم الإسراء والمعراج: «ثم دخلت أنا وجبريل عليه السلام بيت المقدس فصلى كل واحد منا ركعتين».

فيما تعتبر قبة الصخرة المشرفة إحدى أهم المعالم الإسلامية في العالم، ذلك أنها إضافة إلى مكانتها وقدسيتها الدينية، تمثل أقدم نموذج في العمارة الإسلامية من جهة، ولما تحمله من روعة فنية وجمالية تطوي بين زخارفها بصمات الحضارة الإسلامية على مر فتراتها المتتابعة من جهة أخرى، حيث جلبت انتباه واهتمام الباحثين والزائرين وجميع الناس من كل بقاع الدنيا، لما امتازت به من تناسق وانسجام بين عناصرها المعمارية والزخرفية، حتى اعتبرت آية في الهندسة المعمارية.

سُميَّ المسجد مسجد قبة الصخرة بهذا الاسم نسبةً إلى الصخرة المُشرفة التي عرج منها النبي محمد (ص) في رحلة الإسراء والمعراج.

شعار فلسطين

شعار دولة فلسطين، هو شعار تستخدمه السلطة الفلسطينية أو دولة فلسطين، ويتكون من نسر صلاح الدين الذي استعمله صلاح الدين الأيوبي شعارا لدولته و في وسطه ألوان العلم الفلسطيني.

حنظلة

حنظلة أيقونة فلسطينية وهي أشهر الشخصيات التي رسمها ناجي العلي في كاريكاتيراته، وقدمها سنة 1969 بجريدة "السياسة الكويتية". ويمثل حنظلة صبيا في العاشرة من عمره أجبر على ترك فلسطين ولن يزيد عمره حتى يستطيع العودة إلى وطنه، يرتدي ملابس مرقعة وظهوره حافي القدمين يرمزان لانتمائه للفقر.

أصبح حنظلة بمثابة توقيع ناجي العلي كما أصبح رمزاً للهوية الفلسطينية، حتى بعد موت مؤلف الشخصية ظلت شخصية حنظلة باقية لأنها تجاوزت قضية محدودة إلى دلالات إنسانية أوسع ولم يقتصر في انتقاداته على الکیان الإسرائيلي وأمريكا، لكنه انتقد العرب بل حتى بعض الفلسطينيين.

مفتاح فلسطين

المفتاح الفلسطيني هو أحد أهم الرموز التي يعبر الفلسطينيون بها عن تمسكهم بحق العودة إلى الأراضي المحتلة عام 1948 بعد النكبة، عندما تمّ تهجير أكثر من نصف سكان فلسطين الانتدابية. وبعد مرور76 عامًا تقريبًا، يظل المفتاح رمزًا قويًا وتذكيرًا بحق الفلسطينيين في العودة إلى بيوتهم.

غالبا ما توجد نسخ مكبرة حول مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، وتستخدم في المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين حول العالم كرموز جماعية.

الكوفية الفلسطينية

الكوفية الفلسطينية هي وشاح أبيض وأسود يرتدى عادة حول الرقبة أو مع العقال على الرأس.وقد أصبحت رمزا وطنيا فلسطينيا، وتجاوز استخدامها المنطقة العربية واكتسبت شعبية بين الناشطين المتضامنين مع الفلسطينيين ضد كيان الاحتلال الاسرائيلي.

تحول ارتداء الكوفية من محض غطاء للرأس منتشر في المناطق الريفية والبدوية في المشرق العربي إلى رمز للمقاومة السياسية أثناء ثورة فلسطين (1936- 1939) التي لعب فيها الريف الفلسطيني دورا مهما، فقرر زعماء الثورة الفلسطينية لأسباب رمزية سياسية وتكتكية عملانية توحيد لباس الرأس عند الفلسطينيين فنادوا بلبس الكوفية والعقال لرجال فلسطين حتى يتعذر على سلطات الانتداب تمييز الثوار واعتقالهم.

حينها وفي "لحظة محورية في الثقافة الفلسطينية"، تبنى جميع الفلسطينيين الكوفية كدليل على التضامن، وتم الاستغناء عن الطربوش والعمامة من جميع الطبقات الاجتماعية وبدأ رجال فلسطين جميعاً بارتداء الكوفية حتى يتعذر تمييز الثوار واعتقالهم.

و الجدير بالذكر أن التطريز والنقوش الموجودة على الكوفية لم تأت من عبث، بل لها دلالات ومعاني عميقة ومتجذرة في أصول الثقافة الفلسطينية، تقول الكاتبة الفلسطينية سوزان أبوالهوى إن التصاميم الموجودة على الكوفية "تخاطب شريان الحياة الفلسطيني، بنفس الطريقة التي تكون بها تصاميم التطريز لغة في حد ذاتها، فهي تحكي قصصاً عن الموقع والنسب والمناسبة والمغزى التاريخي".

حيث أن الأوراق السوداء حول إطارها تمثل أوراق شجرة الزيتون التي تشتهر بها فلسطين وهي من أهم رموزها وتعتبر دليلًا على الصمود والقوة والشجاعة.

أما نقشة شبكة الصيد فتمثل تاريخ البحارة الفلسطينيين، إذ ترمز للعلاقة بين البحّار الفلسطيني والبحر الأبيض المتوسط.

في حين يمثل الخط العريض الطرق التجارية التي كانت تمر عبر فلسطين، ويرمز لتاريخ طويل من التجارة والسفر والتبادل الثقافي.

البطيخ الأحمر

يُعد البطيخ الأحمر رمزا من رموز النضال ضد الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بسبب تشابه ألوانه مع ألوان العلم الفلسطيني ،وقد عاد إلى الواجهة خلال الفترة الماضية في ظل محاولات الإفلات من الرقابة على مواقع التواصل الاجتماعي.

حظر کیان الاحتلال الإسرائيلي العلم الفلسطيني الملون باللون الأحمر والأخضر والأبيض والأسود، لذا فقد استخدم البطيخ المزروع محليا والملون بشكل مماثل للعلم الفلسطيني، كبديلاً له لعقود من الزمن.

وفي الختام وكما قال الاديب والصحفي المناضل الفلسطيني "غسان كنفاني " فإذا كان التحرير ينبع من فوهة البندقية، فإنّ البندقية ذاتها تنبع من إرادة التحرير، وإرادة التحرير ليست سوى النتاج الطبيعي والمنطقي والحتمي للمقاومة بمعناها الواسع: المقاومة على صعيد الرفض، وعلى صعيد التمسك الصلب بالجذور والمواقف."

ولأن البوصلة لن تخطئ الطريق، ستظل تشير إلى فلسطين ، سيظل الشعب المقاوم يناضل لاسترجاع وطنه فلسطين لأنّه حقه، وماضيه ومستقبله الوحيد؛ لأنّ له فيه شجرة وغيمة، وظل وشمس تتوقد، وغيوم تمطر الخصب، وجذور تستعصي على القلع.

انتهى**ر.م

أخبار ذات صلة

تعليقك

You are replying to: .